أصوات رمضانية
دقائق معدودات هي الفيصل بين الصائم وفرحته الأولى. تملؤها إبتهالات المتعلقين بأستار الكعبة الشريفة، فيما يجللّ المنظر المهيب لبيت الله؛ عبر شاشة حاضرة في ليالي الشهر الكريم، لتنقل صوراً إيمانية بحناجر ذهبية، كفل حضورها الطاغي، مقاعد دائمة لها على موائد السعوديين الرمضانية.
بصمة صوت يأتيك من أعماق وادٍ غير ذي زرع، متحسساً “عمق المشاعر للواقفين بين يدي الله”، كما وصفها الإذاعي سامي عنبر.؛ ولأن “لكل شيخ طريقة، ولكل مجتهد نصيب”، جاء الإختلاف في توصيف المشاهد الإيمانية، التي تمتد بمذيعي النقل الديني الحي من فترة ما قبل الإفطار؛ حتى الإنتهاء من صلاة العشاء والتراويح، إنعكاساً للخبرة التراكمية لكل مذيع”، كما أوضح الإذاعي أحمد حريري،
فيما تلعب المهارات الخاصة بكل حنجرة دوراً هاماً جعل حريري يصف المذيع المتمكن من صوته بـ “صاحب حنجرة قادرة على التلون بمعاني الصور؛ من خلال إجادته لفن الإلقاء”. مكة التي منحت أبنائها كثير من روحانية الحرم، انعكست بشكل إيجابي على طلاقة المذيعين، في توصيف المشهد الرمضاني وولادة حالة من الـربط الوجداني بين شعور المذيع، وتقاطعه مع نقل واقع المصلين والصائمين داخل صحن المسجد الحرام.
كما أن فرصة إجتماع المذيعين؛ من جيل الحريري وحسين نجار عند “غسيل الكعبة، وتوالي النقل الحي في موسم الحج المناسبات الدينية، أتاح لهم التدرب على مسئوليات النقل الديني الحي”؛ ويأتي إنعكاس الأحداث الشخصية التي يمر بها المذيع، في تداعي أسماء غيّبها الموت، تظل حبيسة الذاكرة؛ إلا أنها كفيلة بأن يعرّج بعضهم على تذكرها كما أوضح عنبر؛ وهوما يلامس واقع كثيرين ويجعل المذيع أكثر قرباً من المتلقي.
تلعب “فرادة كل يوم من أيام الشهر الفضيل دورها؛ في إبراز الخبرة التراكمية؛ في حلاوة الكلمات المنتقاة؛ التي تتسق مع إختيار الآيات النبوية والأحاديث الشريفة. كيمياء العلاقة بين المخرج والمذيع تتجلى في إختيار صور تُبرز تفاوت أحوال الصائمين؛ بين راكع وساجد ليجد المذيع نفسه خارج إطار النص المكتوب، مثل وصف عنبر لمعتمر يحمل والده على كتفيه؛ وكلمات الحريري لمنظر الصبية الجائلين بالبخور حول الكعبة؛ التي انسابت من وجدانه، لتلف عبق البيت الطاهر بعطر الطائفين، بالرغم من إختلافات اللون والعرق والجنس واللغة.
إختيار مذيعي النقل الديني الحي لا يستند إلى معايير؛ سوى إتقان اللغة العربية، والتمتع بثقافة وإطلاع واسع، وسرعة بديهة وحضور يوازي صورة حية تنقلها الكاميرا، تعززها إجتهادات إدارة التلفزيون، و تظل معايير التحضير الذهني والمكتوب للحدث والإلتزام بالتواجد داخل المكبرية في وقت قياسي بالنسبة لإزدحام يلف الأماكن المقدسة؛ يتأرجح بين الـ 30-40 دقيقة قبل رفع أذآن المغرب بالنسبة لشهر رمضان الفضيل هي الأهم؛ كما أبان حريري.
حال مذيعي النقل الديني لا يختلف؛ عن قاصدي البيت الحرام؛ في معاناة وصولهم، للمكبرية التي يُبدد الجلوس؛ في صحبة مؤذنيها مشقة الوصول إليها، كونها من الفترات التي تمنح مذيعي النقل الحي ثراءً روحياً كبيراً؛ كما أوضح عنبر، ثم تأتي كلمات الأذآن لتعكس في نفس المذيع روحانيات بيت الله؛ عند الإفطار؛ الذي لا يتجاوز شربة ماء زمزم وحبات رطب تفيض بركاتها شوقاً لطعم الرحمات المتنزلة.
كتبته
أميمة الفردان