دعايا لريش الزهيري
أحدث عرض فيلم ريش في الجونة السينمائي، شبه مقاطعة لحضور العرض، وتسجيل انسحاب لقامات وأسماء فنية كبيرة، واستياء شديد من قبل صنّاع السينما، ما شكّل دعايا قوية للفيلم؛ منحتني هذه الدعايا اصراراً لمشاهدة الفيلم؛ لا لشيء سوى أن اجد اجابة على تساؤلات حول كل هذا الضجيج حول ريش عمر الزهيري، الذي اختار لفيلمه ابطالاً في لغة السينما ليسوا نجوماً! لا على المستوى المصري ولا العربي حتى!
الفيلم الذي حصل على جائزة أسبوع النقاد في مهرجان كان السينمائي؛ في دورته الأخيرة، لم يلق ترحيباً في الوسط الفني المصري؛ إلا قليلا من الأصوات هنا وهناك؛ ربما كان أبرزها المخرج السينمائي يسري نصر الله، الذي اشاد بالفيلم عبر صفحته الرسمية على الفيسبوك، وهو الأمر الذي جعلني اكثر اصراراً على حضوره، ربما لكوني أميل للتجربة السينمائية لنصر الله.
بداية الفيلم لم تكن تبشر كثيراً بخير! إلا أن مشهد احتراق الرجل يجعلك أسير اللحظة، ويطلق سيلاً من الإستفهامات في محيط عقلك؛ تجعلك تلتصق بمقعدك؛ في محاولة للحصول على بعض الإجابات! لكن مع الوقتـ تبدأ في اكتشاف قتامة الصورة التي يطرحها الزهيري، والرمزية التي تحملها مشاهد الفيلم، ناهيك عن كم من الرسائل المبطنة، ليس بينها “الإساءة لمصر”!
اللون الأحمر الذي كان طاغياً بشكل مستفز يولّد لديك الشعور بالهرب وترك مشاهدة الفيلم في منتصفه!، لكنه في نفس الوقت يشعل في قلبك شعور فضول مضاد لمعرفة ماذا بعد؟؟! ريش رغم بساطة القصة في شكلها العام التي تتمحور حول أسرة صغيرة من أم واب وثلاثة أبناء اكبرهم لا يتجاوز السادسة من عمره، اكثر ما يميزها هو فقرها الشديد، الذي يبدو في كل شيء، بدءً من المنزل المتهالك وانتهاءّ بالفقر المعرفي!
السينما الواقعية التي ينتمي لها ريش الزهيري، لم تخلو من لقطات تمثل ضرباً من الخيال؛ إن اتفقنا ان ينقلب السحر على الساحر، في مشهد الأب الذي تحول لدجاجة؛ ناهيك عن أن الفيلم الذي بلغت مدته 112 دقيقة، كان شبه خالياً من الحوار! إلا قليلاً تكاد لا تتذكرها، ما يؤكد شعورك أنك تشاهد فيلماً صامتاً؛ لكن ذلك لا يؤذيك؛ وهذه من الأمور التي تُحسب للزهيري رغم الصورة القاتمة التي قدّمها؛ ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل يأتي خلو الفيلم من موسيقى تصويرية؛ إلا بعض الأغنيات القليلة التي عادت بي للثمانينات، في مشاهد يتيمة؛ رسمت بعض ملامح للحياة، في عالم ريش!
دميانا نصّار وجه لا يعرفه احد؛ قبل أن يقرر عمر الزهيري وضعها داخل الكادر، لم تكن نصّار سوى وجهاً بدون تعبير! وذلك هو التعبير الوحيد؛ الذي يطرح امامك استفهامات حول معنى رد الفعل تجاه معاناة البشر؛ وهو ما ينقلك من الخاص للعام الذي تقاطع في عقلي لأجد نفسي احاول الإلمام بخيوط اسئلة تشابكت؛ حول الخط الفاصل بين الواقع والخيال، الألم والأمل؛ الذي حمله المشهد الأخير لريش الزهيري.
كتبته
أميمة الفردان