دراما
فشار

داود باشا

  تستوقفني أحياناً بعض الشخصيات الدرامية؛ وتجعلني أُعيد التفكير في تحليلها. داود باشا في مسلسل حديث الصباح والمساء التي لعبها القدير خالد النبوي، أرّقتني كثيراً! فيما يبدو أن كثيرين ربما يتمنون الحظوة التي تلقفت دواد الطفل من واقع حياة بسيطة وترفعه إلى طبقة مخملية؛ لكن ذلك لم يجعل منه الباشا السعيد؛ بل العكس سبب له تعاسة كاملة.

مشكلة داود باشا هي فقدانه لحرية الاختيار المرتبطة جداً بهويته؛ لم يكن له حق إختيار أي شيء في حياته؛ حتى الجارية (جوهر) لم تكن اختياراً عن إصرار وترصد إن صح التعبير؛ إنما كانت تعبيراً عن رفضه للعالم الذي فرض عليه أن يكون داوود باشا المتعلم في أوروبا المخطوف من حارته وبيئته الشعبية؛ والذي لم تُتح له فرصة معرفة اهله ولم يكن لديه حتى خيار إنتقادهم.

 كانت (هدى) اختياره الوحيد في حالة وعي ضبابية؛ لأن داود باشا طوال حياته كانت يتم تشكيل وعيه بدون إدراك منه بل بما هو مطلوب أن يكون عليه! بعد عودته وإكتشاف جزء من هويته؛ حاول تعويض ذلك الفقد لحرية الإختيار من خلال ارتباطه بهدى التي وجد فيها مزيجاً من بنت البلد التي تذكره بجذوره والرقي العلمي والثقافي الذي تعلمه في أوروبا؛

لكنّ رفضها له راكم عنده رد فعلٍ عنيف، طغى على كل سلوكه فيما بعد عبر تغييّب الوعي، واختار الثورة على نفسه اولاً من خلال ارتباطه بجوهر التي كان يعي تماماً أنها مجرد جارية؛ وأن علاقته بها لا تخرج عن علاقة السيد بجاريته!  لم يكن حباً ولا محاولة لاستحضار الأم التي لم يعرفها ولم يتمكن من العيش معها، مشكلته كانت فقدان الهوية ورحلته كانت بحثاً عن سؤال هو من أنا؟ الذي حاول ان يستجدي له جواباً للمرة الأخيرة في مشهد وقوفه على قبر يزيد المصري.

كتبته

أميمة الفردان

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *